Pages

Tuesday, March 11, 2014

تحب الرب إلهك من كل قلبك


فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. التثنية 6: 5

هذه الكلمات ذكرها أيضًا السيِّد المسيح نفسه كما هي في مرقس 12: 30، مؤكدًا أن لا يقبل الله إلاَّ أن يكون داخل القلب، يحتله بالكامل (المسيح يطلب أن يمكلك على قلوبنا)، طالبًا كل حبنا مقابل كل حبه المقدم لنا. فبدخوله إلى أعماقنا يجعل القلب مستقيمًا، والنفس مملوءة عذوبة، والحب غير ممتزج بشوائب، بل هو حب طاهر حر سخي لا يعرف الانقسام، ويحول الكيان الداخلي إلى ينبوع مياه حيّة تفيض على الغير، فالحب لا يمكن حبسه في سجن الأنا، بل يطير على الدوام في السماويات يعطي بسخاء ولا يعير. إنه يرتفع بجناحيه كما إلى السماء ليحمل منها سماتها الطاهرة المقدسة ويرجع للعمل في الأرض بروح جديدة

نحبه بكونه الرب السيِّد الكل، وبكونه الله الذي يُقيم عهدًا أو ميثاقًا معنا. يطلب حبًا نابعًا من كل القلب، إذ يتطلع إلى أعماقنا بكونها ملكوته السماوي. نحبه بكل نفوسنا، أي نحبه ليس فقط خلال عواطف القلب ومشاعره، وإنما بفهمٍ وإدراكٍ حقيقي. نحبه أيضًا بكل قوتنا، أي نستخدم كل طاقتنا ومواهبنا للتعبير عن هذا الحب


لا انفصال بين الإيمان بالله والاعتراف به وبين حبنا له، ولا انفصال بين علاقتنا بالله وعلاقتنا بإخوتنا. وكأن الوصية هي تمتع بسمة حياة داخلية يعيشها الإنسان في أعماقه وتُعلن خلال إيمانه وشوقه نحو الله ومعاملاته مع الناس.

الحب هو جوهر الوصية، فإن هذا الحب ليس تصرفًا خارجيًا نبرزه فحسب، إنما يمثل حياة تمس كل إمكانياتنا، وتمس كياننا (نحب من كل النفس)، وتمس عواطفنا وأحاسيسنا الداخلية (من كل القلب)، وتمس فكرنا (من كل الفكر) وأيضًا تمس تصرفاتنا الظاهرة (من كل قدرتك). وكأن الحب يعني تقديس الإنسان بكليته بروح الله القدوس ليحمل صورة طبيعة خالقه في داخله، بكون "الله محبة" (يوحنا الأولى 4: 8)، نحمل حياته وسماته عاملة في النفس والقلب والفكر والجسد وكل الطاقات والمواهب!

الوصية هي تمتع وتجاوب مع روح الله القدوس الذي يشكلنا على الدوام، ويرفعنا من مجد إلى مجد، لعلنا نبلغ قياس قامة ملء المسيح. أفسس 4: 13

No comments:

Post a Comment